الحکمة 3 _ الطریق المضيء في تفسیر الحکم لنهج البلاغة للإمام علي (ع)
الحکمة الثالثة: العقبات و الحواجز أمامنا في طریق الكمال و الصفات و الفضائل تساعدنا للوصول إلی الکمال
قال أمیرالمؤمنین علي (ع):
و قال أمیرالمومنین علي ع: الْبُخْلُ عَارٌ وَ الْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ وَ الْفَقْرُ يُخْرِسُ الْفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ وَ الْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي بَلْدَتِهِ وَ الْعَجْزُ آفَةٌ وَ الصَّبْرُ شَجَاعَةٌ وَ الزُّهْدُ ثَرْوَةٌ وَ الْوَرَعُ جُنَّةٌ
الکلمات و العبارات الرئیسیة:
جُبن: الخوف من الأقدام
مَنْقَصَة: نقص، عیب
یُخرِس: عجز عن الكلام خِلْقَة أو عيًّا أو لسبب آخر، اِنْعَقَدَ لِسَانُهُ عَنِ الكَلاَمِ
فَطِن: (اسم) صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت،ذکيّ ، ماهر ،حاذق،
جُنَّة: ( اسم)، الجمع:جنن،کل ما ستر او وقی من سلاح و غیره مثلا الصوم جنّة من النار(حدیث)
مُقِلُّ: من عنده قلیل من المال (رجل مقّل)، مقّل فی إنتاجه أي من لا ینتج إلا القلیل
التوضیح:
قال الإمام علي أمیرالمومنین (ع) في هذه الحکمة: البخل عار. الجبن عيب. الفقر يجعل الشخص الذكي و الفطن غير قادر على التعبير عن أسبابه و حجته و ما يدور في ذهنه و بمعنی
آخر، الفقر يجعله غبيًا. الإنسان الفقير غريب حتى في مدينته ، والعجز و الشدة يأس، مثل الآفة. الصبر بطولة. الزهد و التقوی ثروة، و الورع و ضبط النفس و تجنب المعاصي مثل الجنة التي تحمي
و تقي الإنسان من السلاح أو المخاطر
زبدة الحکمة الثالثة:
في هذه الكلمة الحكيمة، يشير الإمام علي أمیر المؤمنین(ع) إلى ثلاث سمات و ميزات النموّ المعنوي و الكمال و أربع عقبات و حواجز أمام الوصول إلی كمال الرجل. تشمل العقبات و الحواجز:
1-البخل الذي هو وصمة عار.
2- الخوف ، و هو سبب النقص في الإنسان
3- يتسبب الفقر كمشكلة إجتماعية في إصابة الفقير بالإعاقة أو البطء في التعبير عمّا يدور في ذهنه و یتعامل معه أقربائه و کأنه غریب
4-العجز الجسدي و النفسي الذي یعتبر مصيبة كبيرة للإنسان.
في الجزء الأخير وصف الإمام علي (ع) ثلاث صفات و فضائل و التي تشمل هذه الصفات: الصبر و الزهد و الورع، وهذه الصفات و الفضائل
في الواقع تعتبر أدوات للوصول إلى التمكين الروحي و النفسي و إزالة العوائق السابقة بطريقة ما.
الصبر شجاعة و ضد الخوف. الثروة الحقيقية هي الزهد و التقوى و الرضا، الصفات و الفضائل التي يمكن بها تجنب الآثار السيئة للفقر.
بالرغم من أن العجز يشبه الآفة و الضرر، إلا أن العاجز الحقيقي هو الذي ليس له درع أو جنّة مثل الزهد و التقوى
الملاحظات:
البخل رفض التبرع و الإعطاء للآخرین بالمقابل التبرع المفرط، أي أن هناك الكثير من الكرم، و هو أيضًا أمر يستحق اللوم. أفضل طريقة هي أن نكون معتدلین. كما قال الله تعالى في القرآن الکریم:
“وَلا تجعَل یَدَکَ مَغلولة ً إلی عُنُقِکَ وَ لا تَبسُطها کُلَّ البَسط ِ فَتَقعُدَ مَلوماً مَحسُوراً (إسراء ،آیة 29 )
“لا تقم أبدًا بربط يدك حول رقبتك [ومن المفارقات أنك لا تترك الصدقة والتبرع] و لا تفتح يدك كثيرًا (لا تتبرع كثيرًا) بحيث تكون عرضة للّوم و تنسی نفسک و عملک. طبعاً البخل حالة داخلية ، و عدم التبرع بالثروة الذي یظهر في العالم الخارجي هو ثمرة صفة البخل ، و ليس البخل نفسه.
3- يكشف الفقير للناس حاجته و يعبر عن فقره. لکن لربما یظهر المقلّ نفسه غنیاً مع شدّة احتیاجه.
4- عندما لا يستطيع الفقير التبرع و مساعدة الآخرين مادياً یبتعد عنه الآخرون و یشعر أنه غریب رغم أنه في مسقط رأسه و بين أهله و أقاربه.
5-الفقر غير مقبول. و من ثم، إذا تمّ مدح الفقر في بعض الروايات و الأحاديث، فإنه يشير إلى فهمنا للفقر و هي الحاجة أمام الله أي کما یقول الله سبحانه و تعالی في القرآن الحکیم ” أنتم الفقراء إلی الله و الله هو الغني الحمید” (سورة فاطر، آیة 15) أو يشير أحيانًا إلى بساطة الحياة و الرضا و القناعة في الحیاة المادیة، و التي قد تعتبر بعض الأحیان مشابهة للفقر و لكنّها ليست الفقر.
–الملاحظات:
6- العجز له معنى واسع يشمل أي عجز جسدي و اقتصادي و ذهني. لهذا فإن أي نوع من أنواع العجز و الإعاقة، یعتبر نوعا من الآفة و الضرر.
7- الصبر هو الوقوف في وجه المصائب و المشاکل و الحوادث و الرغبات و اللذات المادیة حتى لا تؤثر هذه الأمور علی الإنسان و في نفس الوقت، أن یتملک الإنسان الطمأنينة و الإستقرار النفسي قبل مواجهة تلك المشاكل والمصاعب. مثل الصبر على ترك ملذات الذنوب، و الصبر على مشقة الصيام في شهر رمضان في حرّ الصيف، و الصبر على فقدان الممتلكات و الأولاد و…
8- الشجاعة تسبب المقاومة و التحمل ضد العدو، و الصبر لیس إلا المقاومة و التحمل، فالصبر يتطلب الشجاعة و الصابر شجاع.
9- یعتبر الإمام علي (ع) أن الزهد تقصیر الآمال و شکر النعم و تجنب المحرمات، وفي موضع آخر يقول أن الزهد بين كلمتين من القرآن:” لا تحزنوا على مافاتکم ، ولا تفرحوا بما آتاکم ” (سورة 57 سورة الحديد ، الآية 23). لذلك يمكننا أن نقول أن الزهد لا یعني عدم التملك و لكنه یعني عدم الرغبة و عدم التعلق.
10-كما يحمي الدرع أو الجنة الإنسان من ضرر السهام و السيوف، كذلك فإن التقوى المستمر و مراقبة أقوالنا و أفعالنا تحمي الإنسان من كل أنواع الأذى و المعاصي و الأضرار و العقوبات الإلهية.
الرسائل :
1-لا تعتبر الثروة و الممتلكات هي الممتلكات المادية فقط، بل الأمور المعنویة مثل الزهد هي أيضًا ثروة. “الزهد ثروة” و ثروة الزاهد و المتقي أكثر من الغني. و ثروته حقيقية؛ لأن الغني يحتاج إلى الثروة لسدّ احتياجاته، و لكن الزاهد و المتقي لا يحتاج إلى الآخرين أو حتى ثروة العالم المادي؛ لذلك یدعونا الإمام علي (ع) إلی أن لا نسعى وراء الثروة المادية فقط.
2- اذا أراد المجتمع أن يكون في مأمن من الأضرار و الآفات؛ يجب على هذا المجتمع السعي للتغلب على عجزه و الإعاقة و السعي لإزدهار القدرات و تنمية الثقة بالنفس و الإكتفاء الذاتي؛ لا أن یسعی فقط لإستخدام النتائج و المصنوعات المرتبطة بالمجتمعات الأخرى.
3- الردّ و المواجهة العنيفة ليست دائما دلیلاً على الشجاعة. في بعض الأحيان، الشجاعة تعني التحلي بالصبر.
4- من أهم الطرق لترك الرذائل الأخلاقية و أيضًا اكتساب الفضائل الأخلاقية، الإنتباه إلى آثار و نتائج كل منها.
التقييم الذاتي:
بإمکانک الآن أن تجیب علی الأسئلة التالیة:
- هل التفریط بالإنفاق و الكرم في مساعدة الآخرين هو الطريق الصحيح لمحاربة البخل؟
- لماذا يشعر الفقير بالغربة و الوحدة في مدينته؟
- إشرح عبارة “الزهد ثروة”؟
- ماذا علی المجتمع أن یفعل إذا أراد أن یکون في مأمن من الأضرار و الأذی؟
البخل – الزهد – الفقر – العجز – الورع – الثروة الحقیقیة – الخوف – الإعتدال في التبرع -الحکمة الثالثة
نهج البلاغة _ الحکمة الثالثة _ الطریق المضيء