الحکمة 27 _ الطریق المضيء في تفسیر الحکم لنهج البلاغة للإمام علي (ع)
الحکمة 27
و قال علیه السلام: أفضَلُ الزُّهْدِ إخْفاءُ الزُّهْدِ
زبدة الحکمة:
یعتبر الإمام علیه السلام أن إخفاء الزهد، هو الزهد الحقیقي، بل أفضل أنواع الزهد. إن من یعیش زاهدا، لکنه لا ینوي أن یظهر نفسه زاهدا و عابدا و لربما أن یعلم الآخرون بزهده، فهذا هو أفضل الزهد.
الملاحظات:
1. إن الزهد لا ینافي إمتلاک و إکتساب الأموال لقضاء الحوائج، بل الزهد، عدم الرغبة و عدم التعلق. الزاهد الحقیقي هو من تأتیه الدنیا و هو لا یقبلها و یفضل الحیاة الزاهدة علی نعیم الدنیا.
2. لکل شيء آفة و آفة الزهد،التفاخر بها عند الناس. کلما تفاخر الزاهد بزهده و أظهره، فإنه في الواقع لیس زاهدا، لإن التعلق بالزهد و التفاخر به و جلب إنتباه الناس بهذه الطریقة، هي نفسها الرغبة في الدنیا.
3. قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: « إنَّ اللّه لا یَنظُرُ إلی صُوَرِکُم و لا إلی أعمالَکُم و لکِن یَنظُرُ إلی قُلوبُکُم». المقصود هو أن العمل یأتي بعد النیة في المرتبة و إذا لم تکن النیة صحیحة، فلن یکون للعمل أثر. لقد فضل أمیر المؤمنین علي علیه السلام الزهد الخفي الذي فیه عدم الرغبة في الدنیا، علی الزهد الجلي الذي یحتمل أن یکون تظاهرا للزهد و إظهارا لعدم الرغبة في الدنیا.
کما یفهم من کلام رسول الله صلی الله علیه و آله، فإن سبب هذا التفضیل أولا، تقدم رتبة النیة علی العمل و أهمیة و تأثیر النیة في جعل العمل إلهیا أو شیطانیا و ثانیا، فإن الزهد الذي یظهر و یکون في مرأي الآخرین، یحتمل أن یکون إستعراضا للعمل أمام الآخرین و سوف یکون الإنسان حینئذ عرضة للریاء.
الرسائل:
- الزهد هو الإعراض عن الدنیا و عدم الرغبة فیها، إذا کان الزاهد نافرا و غیر راغب في الزهد نفسه أیضا، فعلیه أن یخفیه و هذه أکبر دلالة علی قمة زهده.
- إذا کان الزاهد یرید أن یحفظ آثار زهده المعنویة و یرید أن یحفظها من آفة الریاء و ضرر التفاخر، فربما أحیانا علیه أن یرافق أصدقائه و رفاقه خلافا لرغبته و أن یکون غیرراغب و زاهدا من الداخل.
- ینبغي أن لا ننخدع بمظهر الآخرین؛ فإنّ أفضل الزهّاد، من یخفي زهده.
لطــــــائف:
العمل طاعة
قصة الامام الباقر علیه السلام و الرجل الزاهد
نصیحة زاهد
خرج محمد بن المنکدر-الذی کان یعتبر من الزهاد والعباد- إلى خارج المدینة ظهر یوم من أیام الصیف الحار جدا
وکانت الشمس تلتهب التهابا فرأى رجلا یتصبب عرقا وقد خرج لمراقبة مزرعة له
فقال فی نفسه : من هذا الرجل الذی أخرجه شغل الدنیا فی مثل هذا الجو الساخن؟
لأذهبن إلیه وأعظنه ..
فلما دنا منه ألفاه الإمام الباقر علیه السلام فعجب أشد العجب
وبعد أن سلم علیه ورد الإمام علیه سلامه وهو یتصبب عرقا
قال ابن المنکدر: أصلحک الله شیخ من أشیاخ قریش أفی ساعة کهذه وعلى حالة کهذه خرجت تطلب الدنیا ؟ ماذا سیحدث لو جاءک الموت وأنت على هذه الحال ؟
فاستند الإمام الباقر علیه السلام إلى جدار ثم أجاب : والله لو جاءنی الموت وأنا فی هذه الحال جاءنی وأنا فی طاعة من طاعات الله تعالى
اکفّ بها نفسی عنک وعن الناس إنما أخاف الموت لو جاءنی وأنا على معصیة من معاصی الله .
فتنبه ابن منکدر إلى خطئه حیث کان یظن انه على صواب
فتوجه إلى الإمام وقال : یرحمک الله یا أبا جعفر أردت أن أعظک فوعظتنی !
قصص الأبرار للشیخ مرتضى مطهری
الید الممتدة للسماء لن تعود فارغة أبداً ..
التقییم الذاتي:
- ما هو أفضل أنواع الزهد؟
- ما هي آفة الزهد؟
- ما هو معنی الزهد؟
الصفحة الرئيسية – مؤسسة القرآن و نهج البلاغة
قناة المؤسسة في ایتا:
https://eitaa.com/twonoor
قناة المؤسسة في التلیجرام:
https://t.me/twonoor