الحکمة 8 _ الطریق المضيء في تفسیر الحکم لنهج البلاغة للإمام علي (ع)
الحکمة 8
قال أمیر المؤمنین علي علیه السلام: إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى قَوْمٍ أَعَارَتْهُمْ مَحَاسِنَ غَيْرِهِمْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُمْ سَلَبَتْهُمْ مَحَاسِنَ أَنْفُسِهِمْ.
الکلمات الرئیسیة:
أقبَلَت: أقبَلَ، یُقبِلُ إقبالاً _ أقْبَلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيا : جادَتْ، فاضَتْ عَلَيْهِ بِخَيْراتِها
أعارَتهُم: أعارَ، یُعیرُ _ أعطَتهُ، أقرَضَتهُ
أدبَرَت: مضی و ذهب و ولّی _ عکس أقبَلَ
سَلَبَتهُم: إنتَزَعَت منهم
زبدة الحکمة الثامنة
یشیر الإمام علیه السلام في هذه الحکمة الشریفة إلی تغیر حال الناس أمام من أقبلت الدنیا إلیه أو أدبرت عنه. مفهوم هذا الکلام هو أن عقل بعض الناس في أعینهم و بسبب النظرة المادیة، کلما أقبل المال و المقام و المحاسن الدنیویة إلی أحد، یعتبرون صفاته ممتازة مهما کانت دنیّة. بل و ینسبون إلیه الصفات الحسنة لدی الآخرین و کلما أدبرت الدنیا عن أحد، یسلبونه محاسنه أیضاً.
الملاحظات:
1. إستعارة محاسن الآخرین، بمعنی اعتبار صفات لمن لا یملک تلک الصفات و لا یستحق ثناء الآخرین؛ أو من الممکن أن تکون هذه العبارة بمعنی أن تری صفات و تصرفات الآخرین بالمنظر الحسن لأنک تنظر من المنظر الحسن؛ مثلا أحیانا یعتبر الناس المسرف و المبذر، أهل جود و کرم. و یعتبرون الشخص المتغطرس و المتهور شجاعا و أحیانا الجاهل عالما و عدیم الحیاء عفیفاً.
2. سلب المحاسن، تعني أخذ محاسن و حسنات الآخرین، أي في حال إدبار الدنیا عن الإنسان، یری الناس حسناته أیضا بالمنظر السيء أو حتی لا یرونها. إن کان الشخص طلیق الوجه و مبتهجا، فسیرونه خفیفا و هزیلا و یعتبرون أخلاقه الحسنة جنونا و زهده ریاءا.
الرسائل:
- عندما نقیّم شخصیات الناس و تصرفات الآخرین، علینا أن ننظر إلی الحقائق، و أن لا نحکم بناء علی الظروف الظاهریة. علی هذا الأساس، عندما نواجه شخصا یمتلک ظروفا ظاهریة خاصة _ حسنة کانت أم سیئة _ یجب أن لا نستعجل و نحکم من دون تأمل. علینا أن نتذکر أنه قد تکون هذه الظروف الظاهریة، غیر مرتبطة مع قیمته و مکانته الحقیقیة.
- إحدی أهم خصائص الدنیا، عدم بقائها علی حال واحد و تغیرها و تبدلها، فلهذا یجب أن لا یغفل أحد عن هذه الخاصیة و أن لا ینخدع مع إقبال الدنیا أو إدبارها و أن لا ینحرف عن طریق الحق.
لطائف:
روي أنه عندما کان هارون الرشید یحب جعفر بن یحیی البرمکي کثیرا، کان یقسم أنه أفصح الناس و أشجعهم و أحسنهم کتابة و أدهاهم و أجملهم و أکثرهم عفّة، في حین أن جفعر بن یحیی لم یکن جمیلاً.
رفعه هارون إلی أن وصل الحال أنه لم یکن أحد یستطیع رد کلام جعفر بن یحیی، لکن عندما تغیر رأیه في شأن یحیی، أنکر حتی محاسنه الحقیقیة مثل ذکاءه و کرمه.
التقييم الذاتي
1. أوضح لنا مفهوم إعارة محاسن الآخرین في هذه الحکمة الشریفة؟
2. ما هو المعیار في تقییم شخصیة الناس؟
الحکمة الثالثة عشر، النعم، کفران النعمة، شکر النعمة، مقارنة التفكير، الزهد،القدر الإلهي، العلاقات الإنسانية، وطقوسه الأخلاقية– الخوف،اعتدال فی التبرع،الحقيقية للإنسان
الحکمة الثالثة عشر، نهج البلاغة، أمیر المؤمنین علیه السلام
الطریق المشرق فی تفسیر الحکم لنهج البلاغة لامام علی (ع)- الحکمة الثالثة
الطریق المشرق فی تفسیر الحکم لنهج البلاغة لامام علی (ع) – الحکمة الثانیة
الطریق المشرق فی تفسیر الحکم لنهج البلاغة لامام علی (ع)-حکمة الاولی
الطریق المشرق في تفسیر الحکم لنهج البلاغة للإمام علي (ع) _ الحکمة الرابعة