خطبة السيدة الزهراء
خطبة السيدة الزهراء: السيدة فاطمة الزهراء (س) هي الوديعة الوحيدة للنبي الأكرم (ص)، وهي المثل الأعلى للمسلم الذي ينشد الحقيقة، لا من النساء فحسب، بل ومن الرجال أيضاً.
فهي من “أهل البيت” الذين عصمهم الله تعالى وطهّرهم من كل أشكال الرجس. كما جعل الله تعالى زوجها وأبناءها مفسرين حقيقيين للقرآن وهداة للمجتمع الإسلامي. والحقيقة هي إنما يثبت المسلمون على طريق الحق من خلال التمسك بالقرآن وأهل البيت، حيث إن التمسك بالقرآن والعترة كان أهم وصية للنبي الأكرم (ص).
وكلام وديعة النبي الوحيدة هذه هو نور وضّاء وبحر زاخر من المعرفة والحقائق التي يُفترض بكل مسلم أن يُلمّ بها. وخطبة الزهراء هذه تبدأ بحمد الله والثناء عليه لتواصل الحديث عن صيانة القرآن باعتباره الأمانة الإلهية الكبرى. ثم تنتقل إلى الأحكام الشرعية وحكمتها وتشير إلى لزوم اتّباع أهل البيت. من الموضوعات الأخرى التي تتناولها هذه الخطبة الجليلة: التقوى، حزم النبي في إعزاز طريق الهدى، دور الإمام علي (ع) في الدفاع عن الإسلام، انتقاد الناس لعدم وفائهم، والاستدلال على ملكية فدك.
بعد أن حفظ علي القرآن الكريم بكامله وبعض الأحاديث النبوية، قرر حفظ الخطبة الفدكية لبنت النبي أيضاً نظراً للأهمية التي يحملها كلام السيدة الزهراء (ع) والحب الكبير الذي يُكنّه علي لها، حيث ملأ كامل وجوده.
وفي الحقيقة لم يكن حفظ القرآن الكريم نهاية المطاف بالنسبة إلى علي ليتسلّق من بعده إلى الشهرة، بل كان بداية طريق طويل ينتهي به إلى العلم والمعرفة.
وقد استطاع علي حفظ الخطبة الفدكية هذه أيضاً في مدة وجيزة.
الخطبة:
ولنختم هذا الفصل بمقطع من هذه الخطبة. وهو المقطع الذي ألقاه علي رضازاده في طائفة من حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة:
… كتاب الله الناطق والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع، بيّنة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائداً إلى الرضوان أتباعه، مؤدٍّ إلى النجاة استماعه، به تنال حجج الله المنوّرة، وعزائمه المفسّرة، ومحارمه المحذّرة، وبيّناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، ورخصه الموهوبة، وشرائعه المكتوبة.
فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحج تشييداً للدين، والعدل تنسيقاً للقلوب، وطاعتنا نظاماً للملّة، وإمامتنا أماناً من الفرقة، والجهاد عزّاً للإسلام (وذلاً لأهل الكفر والنفاق).
و الصبر معونة على استيجاب الأجر، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة، وبرّ الوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منسأة في العمر ومنماة للعدد، والقصاص حقناً للدماء، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس، واجتناب القذف حجاباً عن اللعنة، وترك السرقة إيجاباً للعفّة، وحرّم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبية…