الحکمة 20 _ الطریق المضيء في تفسیر الحکم لنهج البلاغة للإمام علي (ع)
الخوف و الحیاء في الغیر محله
و قال علیه السلام:
قُرِنَتِ الْهَيْبَةُ بِالْخَيْبَةِ وَ الْحَيَاءُ بِالْحِرْمَانِ وَ الْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ فَانْتَهِزُوا فُرَصَ الْخَيْرِ
الکلمات الرئیسیة
قُرِنَت: جُمِعَت، وُصِلَت
الهَیبَة: الخَوف، الحَذَر
الخَیبَة: عدم تحقّق الأمل، عدم النّیل إلی المطلوب، الفشل، الخسران، الحرمان
تَمُرُّ: مَرَّ، یَمُرُّ: ذهب و مضی
السَّحاب(الجمع:سُحُب): الغَیمُ
فَانتَهِزوا: إنتَهَزَ الفُرصَةَ: اغتنَمها و بادَرَ إلیها
فُرَص: جمع فُرصَة
زبدة الحکمة
تبین لنا، هذه الحکمة الشریفة، العاملین المهمین للفشل و الحرمان، و أیضاً عاملاً مهماً في نجاح الإنسان.
الخوف من الدخول في میدان المسئولیة و الحیاء و الخجل المرفوض في الغیر محلّه، هما العاملان المهمان للفشل و الحرمان.
في المقابل، إغتنام الفرص و المواقف التي تمرّ مرّ السحاب، عنصر مهم للوصول إلی النجاح و إلی الکمال.
بعبارة أخری، نفهم من الإرتباط الموجود بین العبارات، أن العاملین الأولیین، أي الخوف و الحیاء في الغیر محلّه، عاملان لخسارة الفرص المهمة و الحیاتیة.
الملاحظات:
1. الهیبة، مجد و عظمة تسبب خوفا في قلب الإنسان و لهذا، فهي هنا بمعنی الخوف. لقد ذم الإمام علي علیه السلام الهیبة و الخجل؛ لأنه غالبا ما تسبب الهیبة بأن یخاف الإنسان في العمل بوظائفه و الحصول علی منافعه و مصالحه و أن لا تقضی حاجاته و أن لا یحصل علی حقوقه المسلمة.
کذلک، الحیاء في الغیر محله، یوجب خسارة الحقوق، المنافع و الإحتیاجات و أحیانا یسبب الحرمان من العلم و العمل بالواجبات الدینیة.
قال مولانا أمیر المؤمنین علي علیه السلام:«وَ لا یَستَحِیَنَّ أحَدٌ إذا لَم یَعلَمِ الشَّيءَ أَن یَتَعَلَّمَه»
و قال علیه السلام: «وَ لا یَستَحِیَنَّ أحَدٌ مِنکُم إذا سُئِلَ عَمَّا لا یَعلَمُ أن یَقولَ لا أعلَمُ».
2. لیست الهیبة و الحیاء سلبیة دائما، فمثلا الهیبة من واقعة یوم القیامة و الخوف من العذاب الإلهي في قلوب عباد الله، عامل لإجتناب الذنوب، و الحیاء من الناس و من إفشاء الأعمال السیئة، من أحدی الأسباب المهمة في ترک التصرفات السیئة و الشذوذ مثل التعدي علی حقوق الآخرین، السرقة، الحجاب السيء و….
3.ملاحظات جمیلة خلال تشبیه الفرص بالسحاب:
- تمرَ الفرص بسرعة مثل السحاب و تذهب من أیدینا و یجب اغتنام الفرص في أداء الأعمال و المبادرة إلیها لأنه إذا انتهت فرصة ذلک العمل، لن نستطیع إعادتها بعدها.
- تحمل السحاب عنصر الحیاة معها؛ ذلک الشيء الذي قال عنه القرآن:«وَ جَعَلنا مِنَ الماءِ کُلَّ شيءٍ حَيٍّ». إذن فالسّحاب مصدر للخضار و مصدر لإستمرار و بقاء الحیاة في الأراضي القاحلة و الجافة و غیابها یسبب الموت و العدم. کذلک، فرص الخیر تمهد الأرضیة لأداء الأعمال الصالحة و الوصول إلی الحیاة الطیبة.
- کما أن السحاب مختلفة و لیست کلها ممطرة، فإن الفرصة أیضا، لیست مناسبة لکل أمر.
الرسائل:
- یجب أن لا یمنعنا الخوف المذموم و الحیاء في الغیر محله عن الرشد و الکمال. إذا کان الله تعالی لا یستحیي من قول الحق « وَ اللّه لا یَستَحْیي مِنَ الحَقِّ» و إذا کان المؤمنون لا یخافون لومة لائم في أداء الواجب«وَ لا یَخافونَ لَومَةَ لائِمٍ»، إذن فعلینا نحن أیضا، اتخاذ الخطوات في طریق الرشد و الکمال و الحفاظ علی القیم الدینیة من دون الخجل من أحد أو المجاملة معه.
- کل النعم الإلهیة التي تصل إلینا في هذه الدنیا، فرص عابرة؛ الشّباب، الصّحة، السکینة و الأمان، الفراغ لکسب العلم، بل عمر الإنسان، کلها فرص عابرة یجب علینا اغتنامها و إذا لم نستفد منها، فستؤدي إلی نتیجة مؤسفة.
- لکل صفة حسنة آثار حسنة و لکل صفة سیئة، آثار سیئة و غیر مرغوبة.
التقییم الذاتي:
- لماذا ذمّ الإمام علي علیه السلام الهیبة و الحیاء؟
- متی تکون الهیبة و الحیاء غیر سلبیة؟
- ماذا نفهم من تشبیه الفرصة بالسحاب؟
الصفحة الرئيسية – مؤسسة القرآن و نهج البلاغة
قناة جامع دو نور في ایتا:
https://eitaa.com/twonoor
قناة جامع دو نور في التلیجرام:
https://t.me/twonoor
الحکمة 20. الحکمة 20. الحکمة 20