مؤسسة القرآن و نهج البلاغة

Quran and Nahj al_Balaghah Institute

لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!

لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!
اشتراک گذاری در telegram
اشتراک گذاری در whatsapp
اشتراک گذاری در print

لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!

 

لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!: يُطرح في المجتمع هذا السؤال: لماذا نحفظ القرآن؟ والطارحون لهذا السؤال یختلفون في طرق تفكيرهم بل وحتى في أهدافهم.

فبعضهم يقول بشيء من الحرص و التألّم: “القرآن للفهم و العمل و ليس للحفظ”! فهؤلاء لا يرون جدوى من حفظ القرآن.
وبعض آخر يقول ساخراً: “بإمكان جهاز التسجيل أن يقرأ القرآن عن حفظ أيضاً، فما الداعي لأن يتعب أحد نفسه ليحفظ القرآن”.
وبعض ثالث يقول على علم بحفظ بعض براعمنا العزيزة للقرآن الكريم: “إنه يشكل ضغطاً على أدمغتهم”! فهذه الفئة ترى أن حفظ القرآن يتعب عقول الأطفال، ولذلك يعترضون عليه بشدة.
وعلى أي حال، فهذه الأسئلة لا تزال مطروحة وتنتظر الجواب المعقول.

* وما من شك في أن القرآن الكريم هو للفهم والعمل ولا يمكن لأحد من حفّاظ القرآن أن ينكر هذا. ولكن قراءة القرآن الكريم بل ومجرد النظر إلى خطوطه وأسطره هو أمر ممدوح في روايات عديدة وينطوي على كثير من الآثار المعنوية.
وهنا يطرح هذا السؤال نفسه، وهو إذا كان النظر إلى أسطر القرآن يعتبر بحد ذاته عبادة تنطوي على فوائد معنوية جمّة، فما بالك بمنزلة حافظ القرآن الذي يعاني في حفظة في بعض الأحيان؟
يقول الإمام الصادق (ع): “إن الذي يعالج القرآن ليحفظه بمشقة منه وقلة حفظ له أجران” (2)
ولقد كان حفظ القرآن موضع اهتمام النبي (ص) والمعصومين (ع) وكان حافظ القرآن يحظى لديهم بالاعتزاز والقرب، حتى جعل النبي (ص) القيادة في إحدى الغزوات لمن يحفظ أكثر من الآيات. (3)

إن حافظ القرآن يحظى بمكانة معنوية رفيعة عند الله بحيث لا يمكن لنا إدراكها ووصفها.

 

يقول النبي الأكرم (ص): “عدد درج الجنة عدد آي القرآن فإذا دخل صاحب القرآن الجنة قيل له ارقأ واقرأ لكل آية درجة فلا تكون فوق حافظ القرآن درجة”.

 

فإذا تأملنا الأحاديث أعلاه نجد أنه على الرغم من أن فهم القرآن والعمل به والارتقاء بالتالي إلى قمم الإنسانية الرفيعة هو الهدف الأساس، إلا أن حفظ القرآن كان موضع اهتمام كبير من قبل أئمة الدين وشخصياته لما له من آثار لا تُحصى.
** وأما مقارنة حافظ القرآن بجهاز التسجيل فهي في الحقيقة مقارنة غير صائبة، ذلك أن حفّاظ القرآن قد ساروا على طريق علمي يُعتبر حفظ القرآن فيه بداية العمل والخطوة الأولى على هذا الطريق الصعب.

فاكتساب هذا العلم هو الخطوة الأولى التي يليها الفهم والعمل والتحليل وما إلى ذلك، وهذا ما لا يمكن أن يقوم به شريط أو جهاز تسجيل. أضف إلى ذلك أن جهاز التسجيل أو حتى الكمبيوتر لا يكون دائماً في متناول أيدينا وملبياً لأغراضنا. في حين إذا كان القرآن يحتويه عقل خلاّق فإن الانتفاع به سيكون في كل زمان ومكان. فهو الذي يستطيع بلحظة واحدة معالجة المعلومات سريعاً ليأتي بعشرات الآيات إلى الذهن وينفع بها نفسه وغيره في الموضع المناسب.

وقد اعترف علماء المعلومات بعدم إمكان مقارنة نظام لأحدث وأرقى الكمبيوترات الضخمة بجزء بسيط من تركيبة العقل المعقدة: “فتبارك الله أحسن الخالقين”. (4) والأهم من ذلك كله هو ميزة القرآن في تأكيده التفكّر والتعقل والاهتمام بالعلم، الأمر الذي يحول دون بقاء الحافظ على مستوى مجرد جهاز للتسجيل، بل كلما أعاد الحافظ الآيات ووجد نفسه أمام كتاب يدعوه إلى العلم والتفكير، سيندفع للسير على هذه الخطى بعيداً عن حفظ الببغاء.

 

 

يقول العالم الفرنسي المعروف البروفسور هنري كوربن:

إذا كانت أفكار محمد خرافية وإذا لم يكن قرآنه وحياً إلهياً، فإنه لم يكن ليجرأ على دعوة البشر إلى العلم.

فلم يقم أحد من البشر ولا فكر من الأفكار بالدعوة إلى العلم بالقدر الذي قام به محمد والقرآن، حتى تكرّر الحديث عن العلم والفكر والعقل في القرآن 905 مرات.

 

*** “التعلم في الصغر كالنقش في الحجر” إذ يبقى ولا يزول. هذه المقولة تعكس مدى أهمية التعلّم في الطفولة. وما من شك في أن إرهاق عقول الأطفال وفكرهم هو أمر في غاية البعد عن الصواب ولا يسوغ لأحد تأييده. فتعليم الأطفال يستدعي تخصصاً، وعلى من يريد تعليم الأطفال والصغار أن يتمتع بمعرفة تامة بالأساليب الصحيحة لتدريس هذه الأعمار، وكذلك بإدراك كامل للاستعدادات العقلية والروحية لهذه البراعم اللطيفة.

و هنا نؤكد من جديد أنه في حال استخدام أسلوب تدريس غير صحيح والعمل مع الطفل بأكثر من قابليته، فإن ذلك ينتهي به إلى الإرهاق والملل من دون شك. كما أنه لا ينبغي هنا أن نقارن طفلاً بطفل آخر على الإطلاق.

وفيما يخص علي رضازاده لا بد من القول إن أباه اتخذ في تعليمه أفضل السبل المتاحة، فبدأ من خلال ملاحظة استعداده والرغبة الوافرة التي كانت لديه بتعليمه أثناء اللعب والتسلية، بحيث كانت عملية التعليم تجري في الأيام الأولى على فترات تصل إلى خمس أو ست في اليوم الواحد ولمجرد دقائق لكل فترة مع استراحات مناسبة بينها.

 

وطريقة التعلّم المرافقة للعب والتسلية هي من الطرق التي يؤكدها كبار العلماء. يقول جون عاموص كومينيوس أبو التربية والتعليم الحديث:
“كل ما كنت أسعى إليه هو تبديل عمل المدرسة المنهِك إلى لعب وتسلية. كان الأسلوب المتخذ في المدرسة مع الأطفال ـ حتى أولاد النبلاء ـ هو كما لو كانوا عبيداً. كان المعلمون يجدون احترامهم في الظهور بوجوه عابسة واستخدام ألفاظ فضّة واستعمال الضرب. وما يريدونه هو أن يكون التلاميذ على وجل منهم لا أن يحبوهم.

و قد قلت مراراً ـ سراً وعلناً ـ لا بد من إقامة معارض، لأني توصلت بالتجربة إلى أنه لا توجد وسيلة للتخلص من الكسل واستثارة الذكاء أفضل من هذه. إلا أنهم قالوا لي نحن جئنا بك من أجل أعمال جديّة، لا لغرض التسلية والمعارض المضحكة. وكان جوابي هو أن هذه التسليات هي التي تنتهي بنا إلى أهداف جدية”.(5)

وخلال ستة أشهر، استطاع والد علي تعليمه الجزء الأخير من القرآن الكريم ثم الجزء الأول مع ملاحظة استعداده واستخدام التدرّج والرفق معه، وذلك كلمة كلمة وبكثير من التكرار ومن ثم بالاستعانة بشريط التسجيل، حتى ازدادت قابليات علي بعد هذه الأشهر الستة شيئاً فشيئاً.

و بعد أن تعلّم قراءة القرآن بنفسه استطاع أن يحفظ كل يوم أكثر من السابق وينتفع بشريط التسجيل و تكرار الآيات بشكل أفضل، و لا شك في أن تلك الأشهر الستة هي التي شكّلت أرضية هذه القابليات. ولعل الكثير يظن أن علياً طفل عبقري استثنائي من بعد حفظه القرآن ونهج البلاغة، ولكن علياً و أباه لا يقبلان هذا الكلام مطلقاً!

فأبو علي يقول دائماً:    “ذكاء علي وقابليته متوسطة”. ويمكن لغيره أن يبلغ هذا النجاح بالتوكل على الله ووضع برنامج عملي والعمل به والانتظام والسعي والثبات على هذا الطريق المقدس. ولا يخفى على أحد أن وجود أستاذ متمرّس في مجال حفظ القرآن وعارف بمفاهيم الكتاب وكذلك وجود أسرة مرافقة داعمة هي من العوامل الأخرى لنجاح علي رضازاده.

وحفظ القرآن لم ينتهِ بعلي إلى الملل والتعب فحسب، بل كان له أثر عميق في نموه الفكري. فهو يجتاز مرحلة دراسية كاملة بصرف بضعة أسابيع من الوقت. و يشارك في امتحانات نهاية السنة فقط براحة و اطمئنان أكثر من غيره من الطلاب وبعيداً عن أي اضطراب.

والملفت هو أن تعلموا أن علياً لم يكن بعيداً عن الأطفال في يوم من الأيام. بمعنى أنه لم يكن يوماً بعيداً عن أقرانه بسبب ما امتاز به من حفظ القرآن. فقد درس في الصف الأول جنباً إلى جنب مع طلاب ابتدائية (19 دي) لينهي تلك السنة بنجاح.

وفي السنة الثانية كان يذهب أسبوعاً إلى المدرسة و لا يذهب آخر بسبب أسفاره القرآنية… و لكنه مع ذلك نجح في تلك السنة بمعدل عشرة من عشرة. و في الصف الثالث الابتدائي كان منهمكاً بحفظ نهج البلاغة الذي كان يأخذ الكثير من وقته، ولذلك لم يشارك إلا في امتحانات الفترة الثالثة ونجح في ذلك العام بمعدل عشرة من عشرة…

 

و أما في الخامس الابتدائي فقد حدث أن اقتربت امتحانات نهاية السنة، فاستطاع علي قبل أسابيع من الامتحانات أن يقرأ الكتب وينجح في ذلك العام بمعدل ممتاز. وقبل أسابيع من الامتحانات، عندما طلبوا من معلم الرياضيات تدريس علي لامتحانات الفترة الثالثة، تعجب المعلم وقال بأن هذا غير ممكن! إلا أنه بعد أن بدأ بتدريسه ولاحظ قابلياته غيّر رأيه.

وما من شك في أن قابلية علي على فهم القضايا الرياضية هي من ثمرة حفظة التحليلي للقرآن ونهج البلاغة.

 

و في ختام هذا الفصل لا بد من القول بأن حفظ القرآن و نهج البلاغة، لا أنه لم يُتعب علياً فحسب. بل و منحه نشاطاً و فاعلية مضاعفة، بحيث أصبحت ممارسته للرياضة مع أقرانه من أعماله المعتادة الأكيدة، حتى أنه يمارس اللعب في أسفاره لإقامة برامج القرآن متى ما وجد الفرصة المناسبة لذلك.

وفي سفرة من سفرات علي إلى إحدى المحافظات مع مجموعة من البراعم التي كانت تتعلم القرآن. أخذ علي يلعب مع الأطفال من بعد أن انتهى من إقامة برامجه القرآنية، فكان مما يستهوي الناس أن يروا هذا الأستاذ الصغير الذي يحمل القرآن ونهج البلاغة و المعارف الإلهية يلعب مع بقية الأطفال.

علي يحب كثيراً الألعاب الفكرية وكرة القدم وغيرها. و هو يمارس الألعاب التي يحبها مع أخيه الأصغر في الدار.


 

 

الصفحة الرئيسية – مؤسسة القرآن و نهج البلاغة

القـــرآن الکریم

لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!. لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!. لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!. لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!. لماذا نحفظ القرآن الکریم؟!.

المزيد: